أعلن الديوان الملكي السعودي، يوم الثلاثاء الموافق 28 يناير 2025، وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وهو أحد أبرز شخصيات الأسرة المالكة في السعودية وصاحب مساهمات استثنائية في مجالات التنمية الاجتماعية والإنسانية. عاش الأمير حياة مليئة بالعطاء، حيث ترك أثرًا دائمًا في المملكة العربية السعودية من خلال مبادراته ومؤسساته الرائدة.
النشأة والتعليم
وُلد الأمير محمد بن فهد في الرياض عام 1950، كابن ثانٍ للملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، أحد رواد النهضة السعودية الحديثة. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في معهد العاصمة النموذجي بالرياض. هذا المعهد، الذي تأسس بأمر مؤسس الدولة، الملك عبدالعزيز آل سعود، كان يعدّ نخبة من أبناء الأسرة المالكة.
بعد إنهاء دراسته الثانوية، انتقل الأمير إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا. التعليم في الخارج أضاف له بُعدًا معرفيًا عالميًا، مما ساعده على فهم قضايا التنمية بأسلوب استراتيجي.
مسيرته المهنية
بدأ الأمير مسيرته المهنية في القطاع الخاص، ما منحه خبرة واسعة في إدارة الأعمال. ومع تطلعه لخدمة المجتمع، التحق في العمل الحكومي، حيث بدأ كمساعد لنائب وزير الداخلية، قبل أن يُعيّن أميرًا للمنطقة الشرقية عام 1985.
خلال فترة توليه هذا المنصب، والتي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود، أشرف الأمير محمد على تحقيق نقلة نوعية في مختلف قطاعات التنمية بالمنطقة الشرقية، حيث طوّر البنى التحتية، ودعم المشروعات الصناعية والتجارية، وأضاف لمسة إنسانية عبر مبادراته المجتمعية الرائدة.
المبادرات والمؤسسات الإنسانية
كان الأمير محمد رائدًا في إطلاق العديد من المبادرات التنموية. فقد أسس برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، الذي استهدف تأهيل الشباب السعودي لسوق العمل وتعزيز روح الابتكار بينهم. هذا البرنامج نال عدة أوسمة وجوائز دولية، منها جائزة دبي/الأمم المتحدة العالمية لتحسين الظروف المعيشية.
كما أسّس الأمير جامعة الأمير محمد بن فهد كصرح تعليمي عالمي المعايير في المنطقة الشرقية. الجامعة ساهمت في تزويد سوق العمل بكوادر وطنية متميزة في مجالات متعددة، وعززت دور التعليم العالي في تنمية المجتمع.
إضافةً لذلك، أطلق الأمير مؤسسة لتنمية العمل الإنساني باسم مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية، والتي قدمت مساعدات وبرامج دعم للفئات الأكثر احتياجًا داخل المملكة وخارجها.
الحياة العائلية
الأمير محمد بن فهد كان متزوجًا من الأميرة جواهر بنت نايف بن عبدالعزيز آل سعود، وله ثلاثة أبناء وثلاث بنات. أبناؤه هم الأمير تركي، الأمير خالد، والأمير عبدالعزيز، وجميعهم يحملون إرث والدهم في الالتزام بالخدمة العامة. أما بناته الأميرات نوف، نورة، ومشاعل، فقد أصبحن مثالا للمرأة السعودية المشاركة في المجالات الخيرية والمجتمعية.
وفاته وردود الفعل
بعد حياة مليئة بالإنجازات والعمل الدؤوب، رحل الأمير محمد عن عمر يناهز 75 عامًا إثر أزمة صحية. جاءت وفاته كصدمة للكثيرين داخل المملكة وخارجها، حيث عبر الناس عن حزنهم العميق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
قال الفنان والناشط الاجتماعي فايز المالكي على حسابه في “إكس”: “رحم الله صاحب الابتسامة والابتكار، الأمير محمد بن فهد. كان مثالًا للقائد الحاني والمحب لشعبه.” بينما كتب أحد المغردين على “إكس”: “فقدنا اليوم قامة وطنية، قدم الكثير لأبناء بلده. نسأل الله له الرحمة والمغفرة.”
إرثٌ خالد
على الرغم من رحيله، سيبقى إرث الأمير محمد بن فهد خالداً في قلوب السعوديين. مشاريعه التقدمية ومبادراته الإنسانية تشهد على اهتمامه الكبير بالمجتمع، ورؤيته الطويلة الأجل لتنمية بلده.
لقد ساهم الأمير في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على المستويين المحلي والعالمي، وذلك من خلال إصراره على تبني أفضل الممارسات التنموية وتعزيز الابتكار. إن إرثه كقائد وشخصية بارزة في الأسرة المالكة سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.
الختام
بوفاة الأمير محمد بن فهد، تفقد المملكة العربية السعودية أحد أبنائها المخلصين الذين كرسوا حياتهم لخدمتها وتعزيز رفاهيتها. بينما تحزن الأسرة المالكة والشعب السعودي على هذا الفقد، يبقى أثره وإنجازاته حية في الذاكرة الوطنية.